نَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (6) فاطر
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على خير الخلق سيدنا محمد
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته - أخي المسلم :
الكبر هو من الذنوب العظيمة و كيف لا و هذا الخُلُق فيه منازعة لمكانة الخالق جل و علا و هو سبب في ظلم الناس و الإستعلاء عليهم من غير وجه حق .
و يسعى الشيطان لإيقاع بني آدم في هذا الخُلُق فمنهم من يعصمه الله عزوجل و منهم من يستجيب له بسرعات مختلفة , أما أشأمهم فيصعد في سلم الكبر لأعلى ما يستطيع و ربما بلغ به الكبر درجة أن نكر وجود الإله و ربما سمى نفسه إلهاً و هناك من بلغ به الكبر درجة فوق درجة الأنبياء و هناك من بلغ به الكبر درجات أقل من ذلك .
ابتدع الشيطان طرقاً خبيثة كثيرة لإيقاع بني آدم في هذه الحفرة الكبيرة المخيفة و تنوعت حبائله في ذلك و يمكنني تلخيص ذلك في المحاور التالية :
1- محور المديح و الإطراء و المقارنة : إن للمديح تأثيراً و وقعاً على الإنسان كبيرين و كثيراً ما أدى ذلك إلى العجب فالكبر , فهذا تلميذ مدحه أبوه بالذكاء فظن أن لا تلميذ أذكى منه و أن رأيه هو الرأي و لا رأي لغيره و ذاك موظف مدحه أحد المراجعين بالقلب الكبير فظن نفسه نبياً فلم يعد يقبل من أحد الإعتراض على تصرفاته مهما بلغ بها الطيش .
يشجعك الشيطان على المديح و الإطراء و المقارنة مع الآخرين و لو بكلمات بسيطة لِعِلمِهِ أن التأثير قد يعطي أكله في أي لحظة و بالطبع فهو يقوم بمدحك باستمرار , و في نفس الوقت يشجعك الشيطان على عمل ما يجلب المديح , مثل اكتساب المال و المنصب و الشهرة و الشهادات و الحسب و النسب و الأنصار .
أمثلة على ذلك :
أنت أجمل من فلانة , أنت ذو شخصية أكثر من ابن عمك , أنت ذو وجه منير أكثر من الشيخ الفلاني , أنت أحسن قراءة للقرآن من أستاذك , أنت أهم شخصية في البلد , أنت من العرق الآري و العرق الآري أفضل من العرق الأسود , أنت مسلم و المسلم أفضل من اليهودي.
ما هذا العقل الذي تحمله , ما هذا الذكاء , ما هذه الأنامل التي أبدعت هذه اللوحة , ما هذا الجمال , ما هذه الخطة .
أنت : معلم في مهنتك , سيد هذا البلد , , علاَّمة , جبار , عالِم , جميل , تقي , ذكي .
ابني هذا له مستقبل كبير , لا خوف على فلان .
هيا خذ الشهادة الفلانية و عندها سينهال عليك المديح من كل مكان , هيا أتقن العمل الفلاني حتى يقولوا عنك كذا و كذا , هيا احصل على المنصب الفلاني كي تحصل على نظرات الإحترام و التعظيم من العائلة .
2- محور الدفاع عن الذات : يستغل الشيطان غريزة دفاع الإنسان عن نفسه فيحولها من وجهها الصحيح لجهات لا ترضي الله عزوجل و من هذه الجهات الحسد و الحقد و الرياء .
فأما الحاسد فهو الذي يتمنى زوال النعمة عن الآخر , يحقد و يتكبر عليه و لا يسمع للحق الذي ينطق به و لا ينصفه في مجلس , و أما المرائي فهو الذي يجادل و يغالط من يتكلم بالصواب و كل هذا كي لا يظهر خطؤه و تفوق الآخر عليه .
أمثلة على مكائد الشيطان في ذلك :
أصبح عمرك 45 سنة و لم تتقن اللغة الإنكليزية و هذا شاب في 22 من عمره و هو يتكلمها بطلاقة .
ابن جامع القمامة قد أصبح طبيباً و ابنك لم يستطع الحصول على الثانوية .
هذا جارك قد اشترى سيارة و أنت ما زلت تركب الحافلة العمومية .
انظر إلى زبائن هذا المحل الجديد ما أكثرهم و محلك ليس فيه أي زبون .
ابنة عمتك قد خطبها فلان الغني و أنت لم يطرق بابك أحد .
أنت شيخ أفقه و أورع من ذلك الشيخ و مع ذلك فأتباعك أقل من أتباعه .