[rtl]
هل تطمع في صلاةٍ بخمسين صلاة ؟!
أحسبك ستقول : نعم ، فعمري قصير ، و ضاع منه الكثير ، واحتاج إلى استدراك ما فاتني منه ، وتعويض ما ضاع عليَّ من أيامه ولياليه ، فكيف لا أفرح بهذه الغنيمة العظيمة ؟! وكيف لا آخذ بها ، وفيها الخير الذي آمل ، والفضل الذي أرجو ؟!
هكذا همم الأبطال ، فإليك ما وعدتك به !
فإن الصلاة في الفلاة حيت تغيب عيون الرقيب ، وتنقطع العلائق عن الخلائق ، ويبقى الإخلاص والتجرد هو المحرك الوحيد لكل فعل صالح ..
إنه إيمان الخلوات والفلوات الذي يهيمن على النفوس الصادقة ، ويسيطر على القلوب المخلصة ..
فلا رياء ، ولا سمعة ، ولا طلب محمدة ، ولا التماس ثناء ، ولا رجاء عطاء ، وإنما طلب للأجر والثواب من رب الأرباب ، فلا شيء في القلب يسكن غير الله !
فعن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته وحده خمسا و عشرين درجة فإذا صلاها بأرض فلاة فأتم وضوءها و ركوعها و سجودها بلغت صلاته خمسين درجة " 1.
وعنه ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" الصلاة في جماعة تعدل خمسا و عشرين صلاة فإذا صلاها في فلاة فأتم ركوعها و سجودها بلغت خمسين صلاة " 2.
وليس الأمر فقط بتحصيل الأجر على ثواب خمسين صلاة ، بل إن الفضل أكبر ، والخير أكثر ...
فإن الله ـ الغني عن عباده وطاعاتهم ـ ليعجب ـ كما يليق بجلاله وعظمته ـ من ذلك العبد الخلي عن الرقباء برأس شظية من جبال أو في وهاد من بلاد ، تحين عليه الصلاة ، فيتذكر أمر خالقه ومولاه ، فينشط لها ، ويقوم بها طمعاً في رضى الله وقربه ، والتماساً لفضله وحبه ، فينال من الكرامات والأعطيات ما يفوق المنى ، وما يربو فوق الرجاء
، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ...
فعن عقبة بن عامر ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" يعجب ربك من راعي غنم في رأس شظية بجبل يؤذن للصلاة و يصلي فيقول الله عز و جل : انظروا إلى عبدي هذا يؤذن و يقيم الصلاة يخاف مني قد غفرت لعبدي و أدخلته الجنة 3 .
فإذا كنت في رحلة أو جولة في الفيافي والقفار والجبال ، فلتكن الصلاة منك على بال ، وداوم الصلة بالصلاة ليصلك الله بحبله ، ويسبغ عليك من سوابغ فضله ...
1 رواه عبد بن حميد والحاكم ، انظر : صحيح الجامع 3824
2 رواه أبو داود والحاكم ، انظر : صحيح الجامع 3871
3 رواه أحمد وأبو داود والنسائي ، انظر : صحيح الجامع 8102
[/rtl]