لا حل للشعوب إلا بترك الذنوب
--------
الخطبة الأولى

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - تسليما كثيرا، أما بعد:
عباد الله: اتقوا الله تعالى حق التقوى وراقبوا ربكم واخشوه فإن أجسادكم وعظامكم على النار لا تقوى.
واعلموا أنه ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة، ثم أعلموا أن أصدق الحديث كتاب الله - جل وعلا - وأحسن الهدي هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وشر محدثاتها كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة
معاشر إخواني أهل التوحيد المتبرئين من الشرك وأهله:
مساكين وحمقى هذه الشعوب يريدون حلا لمشالكهم دون ترك الذنوب وهذا والله هو المستحيل بعينه إنهم يدورون في الفراغ يضيعون في التية سنوات تلو سنوات وأجيال تلو أجيال وهم كالعيس في البيداء يقتلها الظما والماء فوق ظهورها محمول القرآن بين أيديهم فيه تشخيص الداء ووصف الدواء ولكنهم لا يريدونه يريدون الله أن يغير سنته لأجلهم وهذا أبعد شيء عنهم ولن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا سنة الله واحدة.
ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة مشاكل هذه الشعوب المحتلة وغير المحتلة من سلط عليهم حكام ظلمة ومن لم يسلط من ابتلوا بالفقر من انتهت ثوراتهم ومن عضهم السيف بنابه وضرستهم الحرب والفتن الأمر واحد لا حل إلا بترك الذنوب فإن لم يفعلوا ذلك فوالله ما يزيدون الطين إلا بلة.
عباد الله: لا تغتروا حتى الذين انتهت ثوراتهم وقعوا في شر مما فروا منه انتشر عندهم ؟0250؟ والتصوف وسب الإله والفوضى العارمة وفقدان الأمن لا حل الداء هو الذنوب والعلاج هو التوبة وما سوى ذلك يبدؤون من حيث بدؤوا ويدورون في الفراغ، ولكن الذي يعلمهم بهذا ويضع يده على الجرح يواجه أشد المواجهة لأن الله قال{﴿ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ ﴾ } [الأعراف/100] يقول ربنا - جل وعلا - في آيات كثيرة ويا إخوتاه يا أهل التوحيد لا يقين في هذه الدنيا إلا أمران الوحي الذي جاء به جبرائيل على قلب محمد - صلى الله عليه وسلم - هو والله اليقين حق اليقين هو الحق المطلق الذي لا يشوبه شك ولا تردد والأمر الآخر سنن الله الكونية التي سنها وركب الكون عليها إذا كانت محسوسة بالحواس هذان يقين وما سواهما ظن وأوهام يظنون الحل في اتباع الغرب في أنظمته والغرب ما نفع نفسه حتى ينفعهم هل في الغرب عدالة أو حرية أو ديمقراطية لا والله إن النفوس جهولة ظلومة، كما قال الله فما بالك إذا كانت كافرة ظالمة كيف تؤدي العدل إن هي إلا أشياء ظاهرة إن هي إلا أشياء ظاهرة يغتر بها الضعفاء من الناس وإلا فإن الظلم والقهر والاستبداد متأصل فيهم وأنى تأتيهم التزكية ولم يؤمنوا.
عباد الله: يقول ربنا - جل وعلا - وتدبروا كلام الله هو والله الحق هو اليقين وما سواه ظن وأوهام وأهواء قال الله { ﴿ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ }- [البقرة/145]
يقول ربنا { ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ }- [الرعد/11] ولو انتظروا قرون هذا هو الحل إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم التغيير من الداخل {﴿ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ ﴾ )- [الرعد/11].
يقول ربنا - جل وعلا - (﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ ﴾ )- [الأنعام/42] (﴿فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا ﴾ } والسلطان الظالم بأس من الله سيف من الله الله هو الذي سلطه لا محبة فيه، ولكن تأديبا لعباده فلو أنهم اتكلوا على الله واستكانوا وتضرعوا لرفع السيف عنهم ولكنهم اتكلوا على سيوفهم فوكلهم الله إليها فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون{ ﴿ فَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (43)﴾ - [الأنعام/43] وزين لهم الشيطان شياطين الإنس والجن زينوا لهم ما كانوا يعملون.
وقال الله ﴿ وما أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ (94)﴾ }- [الأعراف/94] ﴿(ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا ﴾ } أي كثروا وزادوا {﴿ وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آَبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (95) وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، ولكن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96) أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ (97) أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (98) أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (99) أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا ﴾ ) نحن ورثنا الأرض من بعد أهلها (﴿أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (100) الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ (101) وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ ﴾ )- [الأعراف/102]
هذا هو أحوال الدول الآن مشخص في القرآن داؤه ودواؤه، ولكن لو قيل هذا الكلام اليوم في منتدياتهم ومواقعهم ومجالسهم لقامت قيامتهم، كما قال الله ونطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون لا يريدون هذا الحل وهو الحل الوحيد.
وقال الله -(﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) تشخيص الواقع والسبب -(ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ ﴾ ) والعلة (﴿لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا) والعلاج (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ )- [الروم/41] سبحان الله هذا والله هو اليقين
وقال الله - جل وعلا - -(﴿ وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ ﴾ ) ومن العذاب السلطان الجائر (﴿فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ﴾ )- [المؤمنون/76] والله ما استكانوا ولا يتضرعون -(﴿ حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ ﴾ ) ومن هذه الأبواب أبواب الفتن كان السلطان فتنة خاصة من توقاه وابتعد عنه سلم من شره إن شاء الله وأصحبت فتن عامة أصبح الشرر والنار يصل كل أحد(﴿حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ ﴾ )- [المؤمنون/77] آيسون.
وقال الله -(﴿ وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا ﴾ )- [الإسراء/16] -(﴿ وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا ﴾ )- [الإسراء/17].
يا عباد الله: هذه هي الحقائق فمن أراد خيرا لأمته ولدولته ولأهله فلينشر هذه الحقائق لأن ما سواها التيه والضياع إي ورب الكعبة حتى أصحاب محمد أشرف هذه الأمة وأفضلهم قال الله بعد أحد -(﴿ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ )- [آل عمران/165].
عباد الله: فلندع الشعوب الآن فالشعوب مكونة من أفراد نحن ما أصابنا بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة.
يا عباد الله: التغيير من داخلك يا ابن آدم كل بلاء تصاب به والله إنه بذنب ولا يرفع إلا بتوبة توبة نصوح يا ليت هذه الحقيقة تصل في قلوبنا إلى برد اليقين حتى نختصر الوقت ونعرف الطريق السليم.
ولكن عباد الله: في ختام هذا الكلام بعض الناس إذا تفقد نفسه من الذنوب يكون تفقده مبتورا ناقصا وهو أتي من هذا الباب فهو يقول لنفسه والله ما سرقت ولا زنيت ولا شربت الخمر ولا فعلت كذا وكذا حسنا هذه عظائم، ولكن قف تفقد نفسك هكذا أولا ابدأ بترك الأوامر فإنها أعظم من فعل المعاصي ترك الصلاة ترك الجماعة هم النبي - صلى الله عليه وسلم - بالتحريق لهم الاستهانة بصلوات الله وفراتضه ترك الحج من بلغ وعنده استطاع ترك الصيام ترك الزكاة طيبة نفسه بها.
عباد الله: ترك الجهاد في سبيل الله بأنواعه وهو فرض كفاية ولكنه في هذا الوقت ما قام أحد بالكفاية ولا عشر معشارها من الجهاد العلم فمن تولى عن العلم هذه الأيام ربما يكون متوليا عن الزحف إن كان عنده آلة ترك أمرا من أمر الله والناس ما قاموا به يأثمون كلهم نعش العلم ثبات الدين والدنيا ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أعظم الذنوب ترك الدعوة إلى الله ترك القتال في وقته وهكذا ترك الأوامر جنس كامل لا يتفقده المتفقدون وقد يأتون من قبله.
ثانيا الكبائر القلبية لا يتفقدها المتفقدون وهي أعظم شيء حب الرياسة حب الرياسة جريمة كبرى في الخلق قال الله تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا من أراد العلو في الأرض أو الفساد في الأرض أو أرادهما فالدار الآخرة ليست له والدنيا قد يعطى منها وقد لا يعطى الكبر أعوذ بالله أخبث الذنوب وهو كامن في القلوب كمون النار في الزناد يحتاج من يقدحه فيخرج وهذا الذي لا يقبل الله منه مثقال ذرة ولا يجاوره في جنته من كان في قلبه مثقال ذرة بطر الحق وغمط الناس نبيكم - صلى الله عليه وسلم - كان يفعل أشياء كثيرة يترفع عنها كثير من الناس؛ لأنه كان أكثر الناس تواضعا والناس قد أشربوا الكبر وهم يشعرون أو لا يشعرون كان لا يأكل متكئا ولا متربعا يقول آكل، كما يأكل العبد وأشرب، كما يشرب العبد كان يركب الحمار كان يردف خلفه العبيد والموالي وغير ذلك كان يقول إذا سقطت لقمة أحدكم فليمط ما بها من الأذى، ثم ليأكلها كان يقول العقوا الصحفة كان يقول لا تمسح يدك بالمنديل حتى تلعق يدك أو تلعقها كان يأمرنا بأوامر كثيرة تنزع الكبر من القلوب.
ولكن أين العاملون نعوذ بالله من الكبر بطر الحق ولو مرة واحدة جريمة كبرى قد تصاب بأعظم بلاء أن يسلب إيمانك والصحابة يقولون يسلب الإيمان ولا تشعر بفقده وهذه والله المصيبة قالها أبو الدرداء قال يسرى على الرجل فيسلب إيمانه وهو لا يشعر يظنه باق وقد ذهب ومن ذلك العجب بالعمل احتقار الناس الأمراض القلبية من يتفقدها قال ابن عبد الوهاب - رحمه الله - في قصة الذباب لما قالوا قرب ولو ذبابا قال وهذا دليل على أن أعمال القلوب هي أعظم شيء عند المؤمنين وعند الكافرين وأن الكبائر القلبية هي أعظم شيء وإلا ماذا ينفعهم الذباب لكنهم أرادوا الخضوع والاستسلام لأصنامهم هذا جنس وقل من يتفقده الجنس الثالث.
عباد الله: حتى في دائرة المعاصي يكون التفقد مبتورا فمثلا يقول - عليه الصلاة والسلام - أكثر ما يدخل الناس النار الأجوفان الفم والفرج فأكثر الناس ربما تفقد الفرج أحد الأجوفين، وأما الأعلى والأخطر والأكثر جرائم أتدرون كبائر اللسان تصل العشرين من الذي يتفقدها وهي كبائر عظام كذلك إخوتي في الله من الكبائر والجرائم للأفراد والشعوب السكوت عن الباطل جريمة كبرى شيطان أخرس من تفقد هذا يقول أنا ما فعلت الباطل وتظن سكوتك مسكوت عنه لا والله.
ومن ذلك بعض الحمقى في زماننا يقولون لم يكن في نجد قبل ابن عبد الوهاب شرك إنما كان يمارسه طوائف من الناس والبقية لا يمارسونه، وإنما افترى عليهم ابن عبد الوهاب وظلمهم ما هذا الحمق يظنون جريمة المشرك تقتصر على من مارسه لا والله شركاؤه كثر في هذه الجريمة ذكرهم الشيخ في رسالته الماتعة أصل الإسلام وقاعدته ذكر ثلاثة عشر جنسا كلهم شاركوا المشرك في جريمته حتى يفهم هؤلاء الحمقى ما معنى انتشار الشرك.
كذلك إخوتي في الله: من الجرائم الاستهتار بالذنوب ولو كانت صغائر ولو كانت صغائر جريمة كبرى إن الذنب قد يحف به أشياء ترفعه وتقبحه أضرب لكم مثلا حلق اللحى اللحية في الوجه وحلقها يصحبه إصرار ويصحبه إظهار ويصحبه استهتار ويصحبه موت القلب يحلق ولا يتألم هذا الذي حفت بهذا الذنب ترفعه عند الله ليس كغيره من الذنوب التي تستر وتدفن ويستغفر منها.
وهكذا عباد الله: من الذنوب منازعة الله في حقوقة التصوير حق لله الذي ينازع الله في حقه وهو البارئ الخالق المصور هذا ارتكب الإثم الأعظم قال - عليه الصلاة والسلام - أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون وانظر كيف انتشر التصوير والكبر منازعة لله في حقوقة والحلال والحرام الكلام بالحلال والحرام بغير دليل ولا أثر منازعة لله في حقوقة إن الحكم إلا لله.
كذلك عباد الله: البغي على عباد الله ذنب لا نلتفت إليه على العمال على الجيران على المشترين على من احتك بك تظلم هذا تغتاب هذا تأخذ مال هذا هذا المفلس فيا عبد الله إن أردت أن تنحل كل مشاكلك في الدنيا والآخرة وأن تعيش سعيدا وتموت حميدا اعلم أنه ما نزل بلاء إلا بذنب، ولكن أحسن تفقد الذنب ولا رفع إلا بتوبة.
كان السلف - رحمهم الله - لما قلت ذنوبهم يعلمون من أين يأتون.
يقول أحدهم: (والله إني لأذنب الذنب فأرى أثره في خلق زوجتي تتغير علي وفي دابتي) حتى الدابة تتغير عليه فأعرف أنه من الذنب لله درهم هذا الفهم الحقيقي.
وقال ابن سيرين إمام الدنيا في وقته في الورع وفي العلم وفي الفقه وفي عبارة الرؤية وفي غير ذلك أوقف على دكان في السوق وقيل للناس لا تبايعوا ابن سيرين فإنه مفلس، ثم أدخل الحبس بلاء فقال أنا (أعلم من أين أتيت ضحكت بإنسان قبل أربعين سنة وقلت له يا مفلس فعاقبني الله) الآن خفت ذنوبهم فعرفوا من أين يؤتون، وأما من كانت ذنوبه كالسيول من كل مكان لا يعرف من أين يؤتى.
اللهم ارزقنا الفقه عنك وعن رسولك، اللهم اجعل حقائق القرآن تباشر أعماق قلوبنا يا رب العالمين واجعلها الحق المطلق عندنا، اللهم وفقنا للتوبة يا رب العالمين، اللهم وفقنا للتوبة، اللهم بصرنا بدائنا وقونا على دوائنا يا رب العالمين كان - عليه الصلاة والسلام - ومرتبته عالية يقول إنه ليغان على قلبي أي يغشي قلبي طبقة من الغين رقيقة لأن الواجب عليه أكثر من الواجب على غيره قال فأستغفر الله أكثر من مئة مرة لأجل إزالة هذا الغين ولأجل القرب من الله فكيف بمن غشاؤه الران وليس الغين، اللهم تب علينا إنك أنت التواب الرحيم، اللهم تب علينا إنك أنت التواب الرحيم، اللهم تب علينا إنك أنت التواب الرحيم، اللهم فقهنا وبصرنا يا رب العالمين، اللهم نعوذ بك من الذنوب وآثار الذنوب، اللهم أحينا في عافية وأمتنا في عافية أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم استغفروه.
________________________________________
الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله - صلى الله عليه وسلم - تسليما كثيرا.
يقول ربنا - جل وعلا - في هذه النعمة الكبرى التي لا يعدلها شيء نعمة القرآن -
﴿ وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2) وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ (4) هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ (5) أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ (Cool وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ (9) وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ (10) الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ (11) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ (12) فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ (13) إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ (14) فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (16) كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (17) وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (18) وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا (19) وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا (20) كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (21) وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22) وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (23) يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (24) فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ (25) وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ (26) يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي (30)﴾ [سورة الفجر] وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد.